فصل: تفسير الآيات (12- 22):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الثعلبي



.تفسير الآيات (12- 22):

{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)}
قوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ} أي مطأطئوا رؤوسهم {عِندَ رَبِّهِمْ} حياءً منه للذي سلف من معاصيهم في الدنيا يقولون: {رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا} ماكنّا بِهِ مكذِّبين {وَسَمِعْنَا} منك تصديق ما أتتنا به رسلك {فارجعنا} فأرددنا إلى الدنيا {نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} وجواب لو مضمر مجازه: لرأيت العجب {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} رشدها وتوفيقها للإيمان {ولكن حَقَّ} وجب وسبق {القول مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} وهو قوله لأبليس {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85]. ثمّ يقال لأهل النار: {فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هاذآ} أي تركتم الإيمان به {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} تركناكم في النار {وَذُوقُواْ عَذَابَ الخلد بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون}.
أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، عن أحمد بن الحسن بن ماجة القزويني، عن الحسن ابن أيّوب القزويني، عن عبدالله بن أبي زياد القطواني، عن سيار حماد الصفار، عن حجاج الأسود، عن جبلة، عن مولى له، عن كعب قال: إذا كان يوم القيامة يقوم الملائكة فيشفعون، ثمّ يقوم الأنبياء فيشفعون، ثمّ يقوم الشهداء فيشفعون ثمّ يقوم المؤمنون فيشفعون. حتّى انصرمت الشفاعة كلّها فلم يبق أحد، خرجت الرحمة، فتقول: ياربِّ أنا الرحمة فشفّعني، فيقول: قد شفّعتكِ، فتقول: ياربّ فيمَن؟ فيقول: في مَن ذكرني في مقام وخافني فيه أو رجاني أو دعاني دعوة واحدة خافني أو رجاني فأخرجيه، قال: فيخرجون فلا يبقى في النار أحد يعبأ الله به شيئاً، ثمّ يعظم أهلها بها، ثمّ يأمر بالنار فتقبض عليهم فلا يدخل فيها رَوح أبداً، ولا يخرج منها غمٌّ أبداً وقيل: {اليوم نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا} [الجاثية: 34].
{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الذين إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} عن الإيمان به والسجود له. {تتجافى} أي ترتفع وتنتحي، وهو تفاعل من الجفا، والجفا: التبوّء والتباعد، تقول العرب: جاف ظهرك عن الجدار، وجفت عين فلان عن الغمض إذا لم تنم. {جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع}.
أخبرني أبو عبدالله الحسين بن محمد بن الحسن قال: أخبرني أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن سمعان الوزان، عن عبدالله بن قحطبة بن مرزوق، عن محمد بن موسى الحرشي، عن الحرث بن وحيه الراسبي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: سألت أنس بن مالك عن قول الله تعالى: {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع}، فقال أنس: كان أُناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة، فأنزل الله تعالى: {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع}.
أخبرني الحسين بن محمد عن موسى بن محمد، عن الحسن بن محمد، عن موسى بن محمد عن الحسن بن علويه، عن إسماعيل بن عيسى، عن المسيب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتاده، عن أنس بن مالك قال: نزلت فينا معاشر الأنصار: {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع} الآية، كنّا نصلّي المغرب، فلا نرجع إلى رحالنا حتّى نصلّي العشاء مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
وأخبرنا الحسين بن محمد عن عبدالله بن إبراهيم بن علي بن عبدالله، عن عبدالله بن محمد بن وهب، عن محمد بن حميد، عن يحيى بن الضريس، عن النضر بن حميد، عن سعيد، عن الشعبي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عقّب ما بين المغرب والعشاء بُني له في الجنّة قصران ما بينهما مسيرة مائة عام، وفيهما من الشجر، ما لو نزلها أهل المشرق وأهل المغرب لأوسعتهم فاكهة، وهي صلاة الأوّابين وغفلة الغافلين، وإنّ من الدعاء المستجاب الذي لا يرد الدعاء ما بين المغرب والعشاء».
وقال عطاء: يعني يصلّون صلاة العتمة لا ينامون عنها، يدلّ عليها ما أنبأني عبدالله بن حامد، عن عبدالصمد بن الحسن بن علي بن مكرم، عن السري بن سهل، عن عبدالله بن رشيد قال: أنبأني أبو عبيدة مجاعة بن الزبير، عن أبان قال: جاءت امرأة إلى أنس بن مالك، فقالت: إنّي أنام قبل العشاء. فقال: لا تنامي. فإنّ هذه الآية نزلت في الذين لا ينامون قبل العشاء الآخرة {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع}. وقال أبو العالية والحسن ومجاهد وابن زيد: هو التهجّد وقيام الليل، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا أبو عبدالله بن فنجويه عن أبي بكر بن مالك القطيعي، عن عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أَبي عن زيد بن الحبّاب، عن حمّاد بن سلمة، عن عاصم، عن شهر بن حوشب، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع} {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} قال: قيام العبد في الليل.
وأخبرنا عبدالله بن حامد الأصفهاني، عن محمّد بن عبدالله بن عبد الواحد الهمداني، عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق بن معمر، عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل، عن معاذ قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت قريباً منه ونحن نسير، فقلت: يا نبيّ الله ألا تخبرني بعمل يدخلني الجنّة، ويباعدني من النار؟ قال: يا معاذ، لقد سألت عن عظيم، وإنّه ليسير على من يسّرهُ الله عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت. ثمّ قال: ألاَ أدلُّك على أبواب الخير. الصوم جُنّة من النار والصدقة تطفئ غضب الربّ وصلاة الرجل في جوف الليل ثمّ قرأ {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع} حتّى بلغ {جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ثمّ قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه. فقلتُ: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه. فقال: «اكفف، عليك هذا».
فقلت: يا رسول الله وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم؟ فقال: «ثكلتك أُمّك يا معاذ وهل يكبّ الناس في النّار على وجوههم أو على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم».
وقال الضحّاك: هو أنْ يصلّي الرجل العشاء والغداة في جماعة.
أخبرني الحسين بن فنجويه عن أحمد بن الحسين بن ماجة قال: أخبرني أبو عوانة الكوفي بالري عن منجاب بن الحرث عن علي بن مسهر عن عبدالرحمن بن إسحاق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يُسمع الخلائق كلّهم: سيعلمُ أهل الجمع اليوم مَنْ أولى بالكرم، ثمّ يرجع فينادي: ليقم الذين كانت تَتَجافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ فيقومون وهم قليل، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء والضراء. فيقومون وهم قليل، فيسرحون جميعاً إلى الجنّة ثمّ يحاسب سائر الناس».
{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} أي خُبّئ لهم، هذه قراءة العامّة. وقرأ حمزة ويعقوب أُخفي مرسلة الياء أي: أنا أخفي وحجّتهما قراءة عبدالله: نُخفي بالنون. وقرأ محمّد بن كعب: أخْفى بالألف يعني: أخفى الله من قرّة أعين، قراءة العامّة على التوحيد.
أخبرنا عبدالله بن حامد الوزان، عن مكي بن عبدان، عن عبدالله بن هاشم قال: أخبرني أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بله ما قد أطلعتكم عليه، اقرأوا إن شئتم فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِي لَهُمْ مِنْ قُرَّاتَ أَعْيُن». {جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
قال: وكان أبو هريرة يقرأ. هكذا: قرّات أعين. وقال ابن مسعود: إنّ في التوراة مكتوباً: لقد أعد الله للّذين تَتَجَافَى جُنوُبُهُم عَنِ المَضَاجِع ما لم تَرَ عين ولم تسمع أُذن ولا يخطر على قلب بشر وما لا يعلمه ملك مقرّب، وإنّه لفي القرآن {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} الآية.
قوله: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ} الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأُمِّهِ وذلك أنّه كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد لعلي: أُسكت فإنّك صبيّ، وأنا والله أبسط منك لساناً وأَحَدُّ منك سناناً، وأشجع جناناً، وأملأُ منك حشواً في الكتيبة، فقال له علي: اسكت فإنّك فاسق، فأنزل الله عزّ وجلّ: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ} ولم يقل يستويان، لأنّه لم يرد بالمؤمن مؤمناً واحداً، وبالفاسق فاسقاً واحداً، وإنّما أراد جميع الفسّاق وجميع المؤمنين.
قال الفرّاء: إنّ الاثنين إذا لم يكونا مصمودَين لهما ذُهب بهما مذهب الجمع.
ثمّ ذكر حال الفريقين ومآلهما، فقال عزّ من قائل: {أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ جَنَّاتُ المأوى نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النار كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
قال أُبي بن كعب وأبو العالية والضحّاك والحسن وإبراهيم: العذاب الأَدنى مصائب الدنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي الله به العباد حتّى يتوبوا، وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس. عكرمة عنه: الحدود. عبدالله بن مسعود والحسن بن علي وعبدالله بن الحرث: القتل بالسيف يوم بدر. مقاتل: الجوع سبع سنين بمكّة حتّى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. مجاهد: عذاب القبر. قالوا: والْعَذابِ الاْكْبَرِ، يوم القيامة {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن كفرهم.
قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ المجرمين} المشركين {مُنتَقِمُونَ} قال زيد بن رفيع: عنى بالمجرمين هاهنا أصحاب القَدَر ثمّ قرأ {إِنَّ المجرمين فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] إلى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وأخبرنا الحسين بن محمد، عن أحمد ابن محمد بن إسحاق السني قال: أخبرني جماهر بن محمد الدمشقي، عن هشام بن عمّار، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبدالله، عن عبادة بن سني، عن جنادة بن أبي أمية، عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من اعتقد لواء في غير حقّ، أو عَقَّ والديه، أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم. يقول الله تعالى: إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ».

.تفسير الآيات (23- 30):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)}
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ} ليلة المعراج. عن ابن عبّاس، وقال السدّي: من تلقّيه كتاب الله تعالى بالرضا والقبول. قال أهل المعاني: لم يرد باللقاء الرؤية وإنّما أراد مباشرته الحال وتبليغه رسالة الله عزّ وجلّ وقبول كتاب الله. وقيل: من لقاء الله الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره.
{وَجَعَلْنَاهُ} يعني الكتاب، وقال قتادة: موسى {هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً} قادة في الخير يقتدى بهم {يَهْدُونَ} يدعون {بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ} قرأ حمزة والكسائي {لَمَّا} بكسر اللام وتخفيف الميم أي لصبرهم، واختاره أبو عبيد اعتباراً بقراءة عبدالله {لَمَّا صَبَرُواْ} وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم أي حين صبروا.
{وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} يقضي بينهم. ويُسمّي أهل اليمن القاضي الفيصل {يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ القرون يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ} آيات الله وعظاته فيتّعظون بها.
قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز} أي اليابسة المغبرة: الغليظة التي لا نبات فيها. وأصله من قولهم: ناقةٌ جراز إذا كانت تأكل كلّ شيء تجده، ورجل جروز، إذا كان أكولاً. قال الراجز:
خبّ جروز وإذا جاع بكى ** ويأكل التمر ولا يلقي النوى

وسيفٌ جراز أي قاطع، جَرزِت الجراد الزرع إذا استأصلته، فكأن الجرز هي الأرض التي لا يبقى على ظهرها شيء إلاّ أفسدته، وفيه أربع لغات: جُرز وجَرُز وجَرْزَ وجَرَز.
قال ابن عبّاس: هي أرض باليمن. قال مجاهد: هي أبين {فَنُخْرِجُ} فننبت {بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ * وَيَقُولُونَ متى هذا الفتح إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} قال بعضهم: أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الثواب والعقاب والحكم بين العباد.
قال قتادة: قال أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلم: إنّ لنا يوماً ننعم فيه ونستريح ويحكم بيننا وبينكم، فقال الكفّار استهزاءً: متى هذا الفتح؟ أي القضاء والحكم.
قال الكلبي: يعني فتح مكّة. وقال السدي: يعني يوم بدر، لاِنَّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه كانوا يقولون لهم: إنّ الله ناصرنا ومُظهرنا عليكم.
{قُلْ يَوْمَ الفتح} يوم القيامة {لاَ يَنفَعُ الذين كفروا إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} وَمَن تأوّل النصر قال: لا ينفعهم إيمانُهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا.
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} قراءة العامّة {مُّنتَظِرُونَ} بكسر الظاء. وقرأ محمد بن السميقع بفتح الظاء، قال الفرّاء: لا يصحّ هذا إلاّ بإضمار مجازه: إنّهم منتظرون ربّهم، قال أبو حاتم: الصحيح كسر الظاء لقوله: {فارتقب إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ} [الدخان: 59].

.سورة الأحزاب:

مدنية، وهي خمسة آلاف وسبعمائة وتسعون حرفاً، وألف ومائتان وثمانون كلمة، وثلاث وسبعون آية.
أخبرني محمد بن القاسم بن أحمد بقراءتي عليه قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرني أبو عمرو الحميري وعمرو بن عبدالله البصري قالا: قال محمد بن عبد الوهاب العبدي، عن أحمد بن عبدالله بن يونس، عن سلام بن سليم، عن هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أُمامة عن أُبَي بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الأحزاب وعلَّمها أهله وما ملكت يمينه أُعطي الأمان من عذاب القبر».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

.تفسير الآيات (1- 5):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)}
قوله عزّ وجلّ: {ياأيها النبي اتق الله} الآية نزلت في أبي سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل، وأبي الاعور عمرو بن أبي سفيان السلمي، وذلك أنّهم قدموا المدينة فنزلوا على عبدالله بن أُبي رأس المنافقين بعد قتال أحُد، وقد أعطاهم النبيّ صلّى الله عليه الأمان على أنْ يُكلّموه، فقام معهم عبدالله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق، فقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده عمر ابن الخطّاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزّى ومنات وقل: إنّ لها شفاعة ومنفعة لمن عَبَدَها وندعك وربّك، فشقّ على النبي صلّى الله عليه قولهم، فقال عمر بن الخطّاب: ائذن لنا يارسول الله في قتلهم، فقال النبي عليه السلام: «إنّي قد أعطيتهم الأمان»، فقال عمر بن الخطّاب: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر النبيّ صلّى الله عليه عمر أنْ يُخرجهم من المدينة فأنزل الله عزّ وجلّ {ياأيها النبي اتق الله}.
{وَلاَ تُطِعِ الكافرين} من أهل مكّة يعني أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة {والمنافقين} عبد الله بن أُبي وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق.
{إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} بالياء. أبو عمرو، وغيره بالتاء.
{وَتَوَكَّلْ على الله وكفى بالله وَكِيلاً} أخبرني ابن فنجويه، عن موسى بن علي عن الحسن ابن علويه، عن إسماعيل بن عيسى، عن المسيب، عن شيخ من أهل الشام قال: قدم على رسول الله صلّى الله عليه وفد من ثقيف فطلبوا إليه أن يمتعهم باللات والعزّى سنة وقالوا: لتعلم قريش منزلتنا منك، فَهَمَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فأنزل الله تعالى: {ياأيها النبي اتق الله} الآيات.
قوله: {مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} نزلت في أبي معمر جميل بن معمر بن حبيب بن عبدالله الفهري، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع، فقالت قريش: ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلاّ وله قلبان. وكان يقول: إنّ لي قلبين أعقل بكلّ واحد منهما أفضل من عقل محمّد، فلمّا كان يوم بدر وهُزم المشركون وفيهم يومئذ أبو معمر تلقّاه أبو سفيان بن حرب، وهو معلِّق إحدى نعليه بيده والأُخرى في رِجله، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا، قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك والأُخرى في رجلك، فقال له أبو معمر: ما شعرت إلاّ أنّهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنّه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده.
وقال الزهري ومقاتل: هذا مثل ضربه الله للمُظاهر من امرأته، وللمتبنّي ولد غيرهِ، يقول: فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أُمّه حتى يكون له أُمّان، ولا يكون ولد أحد ابن رجُلين.
قوله: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائي} قرأ أبو جعفر وأبو عمر ووَرش بغير مدّ ولا همز، ممدودة مهموزة بلا ياء، نافع غير ورش {اللائي} وأيّوب ويعقوب والأعرج، وأنشد:
من اللاّءِ لم يحججن يبغين حسبة ** ولكن ليقتلن البريء المغفّلا

وقرأ أهل الكوفة والشام بالمدّ والهمز وأثبات الياء واختاره أبو عبيد للاشباع واختلف فيه، عن ابن كثير وكلّها لغات معروفة {تُظَاهِرُونَ} بفتح التاء وتشديد الظاء شامي. بفتح التاء وتخفيف الظاء كوفي غير عاصم، واختاره أبو عبيد بضمّ التاء وتخفيف الظاء وكسر الهاء عاصم والحسن.
قال أبو عمرو: هذا منكر لأنّ المظاهرة من التعاون والآية نزلت في أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم أخي عبادة، وفي امرأته خولة بنت ثعلبة بن مالك يقول الله تعالى: مَا جَعَلَ نساءكم اللاتي تقولون: هنّ علينا كظهور أمّهاتنا في الحرام كما تقولون، ولكنّها منكم معصية وفيها كفّارة وأزواجكم لكم حلال، وسنذكر القصّة والحكم في سورة المجادلة إن شاء الله.
قوله: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ} يعني من تبنّيتموه {أَبْنَآءَكُمْ} نزلت في زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي من بني عبد ودّ، كان عبداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبنّاه قبل الوحي، وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطّلب في الإسلام، فجعل الفقير أخاً للغني ليعود عليه، فلمّا تزوّج النبي صلّى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدي وكانت تحت زيد بن حارثة، فقالت اليهود والمنافقون: تَزَوج محمّد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عنها، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآيات وقال: {ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ} ولا حقيقة له، يعني قولهم: زيد ابن محمّد {والله يَقُولُ الحق وَهُوَ يَهْدِي السبيل * ادعوهم لآبَآئِهِمْْ} الذين ولدوهم {هُوَ أَقْسَطُ} أعدل {عِندَ الله فَإِن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ} أي فهم إخوانكم {فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ} إنْ كانوا محرريكم وليسوا ببنيكم.
أنبأني عقيل بن محمد الجرجاني، عن المعافى بن زكريا، عن محمد بن جرير قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال أبو بكر: قال الله تعالى: {ادعوهم لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله فَإِن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ} فأنا ممّن لا يُعرف أبوه، وأنا من إخوانكم في الدين. قال: قال أُبي إنّي لأظنّه لو علم أنَّ أباه كان حماراً لانتمى إليه {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ} قبل النهي، فنسبتموه إلى غير أبيه، وقال قتادة: يعني أنْ تدعوه لغير أبيه وهو يرى أنّه كذلك {ولكن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} فنسبتموه إلى غير أبيه بعد النهي، وأنتم تعلمون أنّه ليس بابنهِ. ومحلّ ما في قوله: {مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} خفض ردّاً على {ما} التي في قوله: {فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ} ومجازهُ: ولكن فيما تعمّدت قلوبكم {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَن ادّعى إلى غير أبيه أو إلى غير أهل نعمته فعليهِ لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين».
وأخبرنا محمد بن عبدالله بن حمدون، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى قال: أخبرني أبو صالح، حدّثني الليث، حدّثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أنّ أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس كان ممّن شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنّى سالماً وأنكحهُ ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار فتبنّاه، كما تبنّى رسول الله صلّى الله عليه زيداً وكان مَن تبنّى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتّى نزلت {ادعوهم لآبَآئِهِمْ} الآية.